الخميس، 14 مايو 2009

مظاهر التفرقة بين الإرهاب والمقاومة

تعريف المقاومة
المقاومة هي كل قولٍِ أو فعلٍ مضاد للاستعمار والهيمنة الاجنبية والاستبداد , سواء كانت بطريق سلمي واتباع الاصول القانونية والديمقراطية أوعن طريق الكفاح المسلح لإرجاع الارض وسلامة العرض وكف الاذى عن النفس والوطن , شريطة عدم جعل الابرياء والمدنيين وقوداً لأي عمل عسكري مسلح...وتكون المقاومة ذات مشروع حضاري إنقاذي للذات او المجتمع.
ونشأت في هذا السياق عقائد وأفكار، يرى حنفي أفضلها تلك التي تجعل العمل من الإيمان، ويرى أيضا أن المقاومة لا تقوم إلا على مفهوم الجبهة الوطنية المتحدة، والجمع بين الفرق، والتعددية على مستوى النظر، والواحدية على مستوى العمل، وأن ثقافة المقاومة تبدأ من الإنسان والمجتمع والأرض والدولة، وتقتضي ثقافة المقاومة فك الارتباط بين أيديولوجية السلطة وأيديولوجية الطاعة. فالمقاومة حركة تلقائية في التاريخ تبدأ من رفض العبودية، كما أنها سابقة على النص.
أن الثقافة عنصر واحد من عناصر الحضارة. فالثقافة تقتصر على العادات والتقاليد والفنون ومنتجات الإبداع الفكري، ولكن بإمكان الدولة الوصول إلى مستوى حضاري دون تحقيق إنجازات ثقافية كبيرة ،ويناقش المقولة السائدة عن اقتراب انهيار الولايات المتحدة بسبب التراجع الأخلاقي والتفكك الأسري وهيمنة الجوانب المادية على الحياة. ومن ثم فإن حيوية الثقافة تتغير وتتناسب مع معطيات العصر ومتطلباته، لأن تغير الظروف والموارد يغيرالثقافات، وبطبيعة الحال فإن ثقافة المقاومة تتغير وتتبدل حسب هذه التحولات المحيطة. إننا بحاجة إلى هوية جديدة تعترف بالتنوع الثقافي والاجتماعي وتعترف بشرعية الاختلاف في إطار تنمية ثقافية من أجل التعايش بسلام في المجتمع الواحد.
اذا ممارسة ثقافة التغيير بدلا من ثقافة التبرير، وإلى التنمية الثقافية التي تساعد على التواصل العقلاني بين الأجيال المتعاقبة، وضرورة استعادة العقول العربية المهاجرة إلى الغرب، والمشاركة في العمل على إنشاء ثقافة كونية أكثر إنسانية تحافظ على كل ما هو إيجابي في الثقافات الوطنية.وقد تعثر المشروع النهضوي لأنه لم يؤسس على التراث العقلاني، وكان أيضا لممارسات القمع السلطوية أثر سلبي كبير على ثقافة التغيير..
العناصر المميزة للمقاومة
ومن فقهاء القانون من وضع عناصر معينة مميزة لحركات التحرر الوطني من غيرها من الحركات الانفصالية او الإرهابية ,ومن هذه العناصر:
1-ان الهدف من حركات التحرير الوطني هو تحقيق التحرر .
2- وجود الاراضي الداخلية او الخارجية التي تسمح للحركات ان تباشر عملياتها العسكرية بمعنى ان توجد مناطق محررة تقيم عليها مؤسساتها الادارية والتعليمية والعسكرية .
3- ان يتعاطف الشعب مع حركات التحرير والمقاومة وتلقى دعما وتأيدا واسعا من المواطنين .
4- يجب ان تتسم اهداف حركات التحرير بدافع وطني يتجاوب ويتلائم مع المصلحة الوطنية العليا وهوما يميز حركات التحرير عن الاعمال التي تستهدف مصلحة خاصة لبعض الفئات من المواطنين أو تنافس أو تناحر للسيطرة على السلطة أو فرض فلسفة معينة . أو الحرب من اجل انفصال اقليم معين أو جزء من الدولة.

بين الإرهاب والمقاومة المشروعة
ومن المهم تمييز نشاطات الكفاح المسلح عن الجرائم الارهابية والحق في المقاومة وتقرير لمصير وفقأ لمبادئ القانون الدولي غير أن ذلك لايسمح مطلقأ لتفسير الانتهاكات التي تقوم بها بعض الجماعات على اعتبار انها اعمال مقاومة لمخالفتها للمستقر في الاتفاقات والمواثيق الدولية من شروط الاعمال الكفاح المسلح خاصه ما يتعلق بأحترام تقاليد الحروب وأعرافها وعدم الاعتداء على المدنيين ومن لايشاركون مباشرا أو يكفون عن الاشتراك في العمليات الحربية .
يختلف الإرهاب عن أعمال المقاومة المشروعة من عدة جوانب يمكن إدراج أهمها على الشكل التالي :
1- إن المقاومة المشروعة لها طبيعة عسكرية شعبية وغطاء شرعي , في حين أن الإرهاب رغم إمكانية أخذه للطابع العسكري, إلا أنه غير شعبي ولا يكتسب الشرعية المطلوبة المتفق عليها...أي أن عملياته لا تحظى بتأييد شعبي حتى لو كان هناك تعاطف مع القضية التي تكافح من أجلها جماعته.
2- كما أن المقاومة تتصف بالوطنية , وهذا الوصف هو يتعلق بالإقليمية في ممارسة هذه الأعمال أي أنها تباشر داخل إقليم الدولة المحتلة , في حين أن معظم العمليات الإرهابية تتصف بالدولية.
3- الإرهاب هو هدف غير واضح وغير محدد, ثم يستوي أن ينال الإرهابي هدفا مدنيا أو عسكري, فهو في نهاية المطاف عمل انتقامي غير مشروع موجه لوجهة غير معلومة وغير محددة , أما هدف المقاومة المشروعة أو الكفاح المسلح فهو عموما الأمكنة والتقنيات العسكرية.
4- مؤدى ذلك أن عمليات المقاومة تهدف إلى إزالة الاحتلال أو الاستعمار الذي تفرضه إحدى الدول أو الشعوب على غيرها بعد تحقق مفهوم الاحتلال بشكل واضح وبدون بروتوكولات او معاهدات بين الحكومات المحلية والدول الاجنبية فيما هدف العمليات الإرهابية , يظل غالبا غير معلن يرتبط بالحصول على السلطة .
5- تعتبر عمليات المقاومة اذا ما توفرت كافة شروطها التي تقوم بها حركات التحرر الوطني ضد المحتل أوالمستعمر-بعد وضوح تحقق مفهوم الاحتلال وبدون اذن سلطات ذلك البلد- عمليات مشروعة لأنها تمارس بحق قانوني دولي مشروع وهو حق الشعوب غير قابل لتصرف في تقرير المصير والاستقلال، في حين أن الإرهاب الدولي لا تعترف بمشروعيته المواثيق الدولية , بل تدينه بجميع أشكاله أي كان مرتكبها وأيا كانت صفته.
6- ويمكن اضافة فرق سادس يتمثل بكون المقاومة لها سعة في المفهوم وبدائل في الاساليب وتنوع في الممارسات تشمل حتى السلمية ..بينما الارهاب ليس له الا خيار واحد هو العنف .
ومن خلال ما تقدم يظهر بجلاء المشروعية الأخلاقية والقانونية لكفاح الشعوب فعمل المقاومة المشروع هو ذلك العمل الذي يستند إلى أحكام القانون الدولي (خاصة اتفاقيتي جنيف لعام 1949 والبروتوكولين الإضافيين الملحقين بهما ولا يمتد إلى الأنشطة التي تمارسها بعض المجموعات التي تقوم فلسفتها على ممارسة الأعمال الإرهابية ضد المدنيين من نساء وأطفال ومواطنين أبرياء عزل, ومن خطف لطائرات وأخذ الرهائن , فالعنف الذي يأخذ مثل هذه الصيغ التي تتنافى مع الأخلاقيات الإنسانية, لا يمكن أن يعتبر مطلقا عملا مشروعا وشرعيا ولا أخلاقيا, بحيث لا يمكننا تبريره مهما كان وأيا كانت دوافعه , فالغاية لا تبرر الوسيلة والعمل غير الإنساني لا بد من إدانته وإن كانت بواعثه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق